بعد مرور أكثر من خمسة قرون على ضياع الفردوس، وانتهاء الوجودُ العربيُّ في الأندلس أو ما تعرف بالإسبانيَّة اليوم، والتي شهدت فتراتٍ من الإشراقِ والتألُّقِ الآخذِ التي لا تنسى، وبقدر اتفاق العالم بغربه وشرقه على مدى عظمة الحضارة الأندلسيَّة، وعظمة منجزاتها المعماريَّة والعلميَّة والفنيَّة، بقدر ما يثور الكثير من اللَّغط حول تاريخ العرب في الأندلس، فيتناقله هذا الموضوع القليل من المؤرِّخين وهم في حالة توجس واضطرب والتباس، ويندر أن يجد الباحث تاريخ حياديَّة، يتُصوِّر الحقائق كما كانت حقًا، هذا دون تفخيم أو تحقير.ومن هنا يُعدُّ وقوع مثل هذا الكتاب بين يدي القارئ ضربًا من ضروب الإمساك بالحقيقة كما بَصُر بها المستشرقُ الإنجليزيُّ المُنصِف «ستانلي لين بول»، والذي أتاح للقارئ الوقوف على الصورة الكاملة لتلك الحضارة التي سطع نورها قرابة ثمانية قرون من الزمان، وما زالت عجائب أخبارها تتردَّد حتى الآن. إن قصة الأندلس عجيبة حقًّا، مثيرة للنفس حقًّا فيها من أحاديث البطولة والإقدام ما يعجب له العجب، ويهتز له عطف العربي الكريم فيها جرأة طارق، وإقدام عبد الرحمن الداخل، وعزيمة الناصر، وعبقرية المنصور، فيها إلى جانب كل هذا أمثلة رائعة للصبر حين البأس، وللجلد على أشده المكروه، وللتمسك بالعقيدة والسيف مسلط فوق الرؤوس، وللثبات في مأزق يفر فيه الشجاع.


ج.م140 
  • الشحن: